كريسميس في اليمن..

مقالات | 01 يناير 2024

زياد البسارة

إتصل بي أحد الأصدقاء الأعزاء هذا اليوم يهنئني بمناسبة دخول العام الجديد - لكني لم أشأ أن " أكسف " بخاطر هذا الصديق العزيز وأقول له بإني لا أعلم أصلا بهذه المناسبة إلا " من فمه" - خصوصا وهو الوحيد من بين جمهور الأصدقاء الأعزاء الذي تواصل معي اليوم يهنئني بهذا الكريسميس الذي لا نسمع عنه إلا براس السنة مرة كلما شاهدنا إحتفالات العالم بهذا اليوم على شاشات التلفزيون وهم إذ يزينون شوارعهم بأضواء شجرة الميلاد أو يرتدون قبعات البابا نويل.

حدث كهذا يا صديقي -وفي اليمن- ما كان يجب أن تجهد نفسك في البحث عنه في بلد لا يعرف أبناءه عن هذا اليوم سوى أنه اليوم الذي تبدأ به الأعوام أو تنتهي به السنين وهذا قصارى ما نعرفه عن التاريخ الذي يتأرجح ما بين بداية يأس من التغيير في شتى مجالات الحياة او نهاية أمل بعودة الحياة إلى مجرى طبيعتها في العهدين الاحفوري والطباشيري.

البارحة كنت أشاهد قنوات دبي الفضائية ما بين العاشرة والثانية عشر مساء - ولقد إنبهرت أيما إنبهار وأعجبت أيما أعجاب بتلك الاضواء المبهرة التي كانت تتراقص على اصوات الموسيقى والمفرقعات النارية من على برج خليفة وجزيرة النخلة وسط هتافات وضحكات سكان هذة المدينة الجملية الذين خرجوا إلى الشوارع لمشاهدة هذا الحدث الذي كنت أعتقده مناسبة وطنية لإحتفالات الشعب الاماراتي ليوم إضافي سعيد في حياتهم يستحق مباركتة والاحتفال به تحت راية قيادته السياسية الحكيمة التي لم أغرقت شعبها بالسعادة والحياة الكريمة.

فقط.. هذا اليوم وبعد مضي قرابة الاثنى عشر ساعة على هذا الاحتفال المبهرر - تأكد لي من خلال إتصال صديقي بإن هذا الحفل "الحنّان الطنّان" لم يكن سوى آحتفالات شعب من شعوب عالم اليوم  بالذكرى السنوية لدخول العام الميلادي الجديد على ابناء الالفية الثالثة بالخير والمحبة والسعادة والسلام - حيث يكون الزمن هو سلطان المنجزات والمعجزات على حد سواء..

ربما لهذا العالم خصوصياته مع هذا العام الجديد بحسب ما أضافته الشعوب من رصيد حضاري في منجزاته ومعجزاته - ومن حقنا أيضا نحن اليمنيين أن يكون لنا خصوصيتنا " التاريخية" للتحفظ بإحتفالاتنا بالعام الميلادي الجديد لأعتبارات كثيرة - ولا بأس أن ندافع عن غيابنا من الاحتفال بهذا اليوم بالقول بإن هذا اليوم بدعة من عمل اليهود والنصارى " ولا يجوز " أن نقلد الكافرين والمشركين بالاحتفال بهذا اليوم.

وفي الحقيقة يا صديقي - ثمة ظروف إستثنائية تحول دون إحتفال هذا البلد بالعام الميلادي الجديد ربما أقلها أهمية بإن "الرمسسة" التي يحتفل بها العالم في يوم "الكريسميس" لم يعد لها حضور أو طلب في هذا البلد الذي أفرط أبناءة في كمية مشاعره وعواطفه خلال الأعوام والقرون الماضية فأصبح اليوم مهدد بالافلاس العاطفي كنتيجه موضوعية لتداخل عددا من الاولويات والمحددات في اجواء هذا الطقس العاطفي.

من الطبيعي يا صديقي أن يفكر اليمني بتوفير كمية الشموع والأضواء التي يمكن أن يهدرها للاحتفال بهذه الليلة ومن ثم ترشيدها وإستخدامها في إنارة منزلة المقطوع عنه الكهرباء منذ ٧ أعوام. 

من الطبيعي يا صديقي أن يستغل اليمني ملابس البابا نويل "إذا ما إستطاع إقتناءها وشراءها للاحتفال بهذا الليلة العرمرمية " - ومن ثم تقديمها لاولادة الذين يضربهم الصقيع على مدار فصل الشتاء.

من الطبيعي يا صديقي أن يتابع اليمني في هذه الليلة "الجهنمية" نشرة أحوال الطقس لا سيما والكثير منهم يعتمد على زراعة بعض المحاصيل الزراعية المعرضة لاجتياح الصقيع "الضريب" مع كونها مصدر دخله الوحيد - بدلا من الخروج إلى الشوارع لمراقبة العد التنازلي في ليلة الكريسميس.

وفي الاخير.. من الطبيعي يا صديقي أن يعني هذا العام الجديد للمواطن اليمني الأمل بالخلاص من حالة الحرب الباردة المفروضة علية في ظل إنقطاع المرتبات وغياب الخدمات وتفاقم الأزمات- وإلا فلا يمكن أن يشكل هذا العام الجديد من إضافة زمنية في حياة اليمنيين إلا كما تصوره المتنبي في أشعاره.

عيد بأي حال عدت يا عيد...                   بما مضى أم لأمر فيك جديد 

كل سنه والعالم العربي والإسلامي في خير وسلام وأمان ومحبة..

#happynewyears

- من حائط الكاتب في فيسبوك