خير الكلام ما قل ودل

مقالات | 27 نوفمبر 2023

زياد البسارة

من زمااان.. 

وأنا أحاول التكيف مع هذه القاعدة الروتينية التي فرضت على الكثير من المتحدثين والكتاب طوقا فكريا دفعتهم إلى التخلي عن نصف أفكارهم وأطروحاتهم في سبيل إشباع رغبات السامعين والقراء المتعطشة للمنشورات المختصرة والرسائل القصيرة بما يواكب عصر السرعة الذي يعيشون فيه..

والآااااان..

ها أنذا أتدرب على أولى دروس هذا النمط التحريري الجديد بالنسبة لي والتقيد ما أستطعت بأبرز القواعد الاساسية لهذا العمل الإنشائي التقليدي وخصوصا تلك المتعلقة بنظام التفكير وطريقة السرد - وكل ما أحتاج الية في البداية بضع كلمات مفتاحية تشرح طبيعة الموضوع المراد الكتابة عنه بأقل الكلمات وأقصر العبارات.. 

وبعدييين.. 

بداية موفقة تستحق عليها أكثر من إعجاب وتعليق - وكل ما عليك فعله هو تحديد الأفكار الاساسية ومن ثم الثانوية التي يدور حولها المنشور - ولطالما قلنا عنها " أفكار " فهذا يعني أنه ليس من الضرورة ومن الواجب أن تكون مكتوبة - فقط عبارة عن خطوط عريضة في ذهنك تحدد مسارات العمليات التحريرية التي يجب أن تسير عليها خطة الكتابة. 

وذلحييين..

هكذا تكون الكتابة رحلة مشوقة من أولها حافلة بالمفاجأت - وكل ما تحتاج إليه غي هذه الرحلة هو القالب السردي الذي يجب أن تبنى عليه مصفوفة الكلمات المعبرة عن الموضوع من أوله وحتى أخره - وتذكر جيدا أن هيكل المقالات والمنشورات التي نقرأها أشبه ما تكون بمخطط هندسي تتفاوت جماليته بتفاوت معايير الإبداع من مهندس إلى آخر..

أقطبناااا..

وصلنا إلى الجزء المهم في هذا العرض لما يمكن أن نسميه اليوم "العقدة أو الحبكة القصصية" المتبعة في كتابة الاعمال الروائية - وكل ما يلزمك هو الشروع بكتابة النص بطريقة تشبة تماما محاولة أحدنا فك عقدة حبل متدلي بحمل ثقيل لا يجب أن يسقط عن الحبل ولا يجب أيضا أن يظل هذا الحمل الثقيل معلقا - والحاجة تقتضي فك عقدة الحبل مع الحفاظ على توازن الحمل.. 

خارجناااا..

ما أن تمرغ أصابعك على لوحة مفاتيح الهاتف حتى تتداعى اليك الكلمات والحروف طوعا أو كرها - وكل ما عليك هو أن تتقمص دور شرطي المرور "النزيه" الذي يتحكم بحركة المركبات والمشاة في الشوارع وفق قواعد صارمة فلا يسمح بعبور ألفاظ ركيكة لم تتقيد بالطابور لأن والدها "مسؤؤل كبير بالدولة" ولا يسمح بتجاوز بعض العبارات الكاذبة أو الخادشة للحياء حتى وإن دست إلى جيبك "حق القات"..

نجزناااا..

ليست الكتابة هواية سهلة كما يتصورها البعض وإن كانت حقا عملية ممتعة - ولعلك الآن بحاجة إلى الاسترخاء قليلا قبل النشر ، ولا بأس أن تنتهزها فرصة لمراجعة ما قمت بكتابتة من النواحي اللغوية والاملائية لمعرفة ما اذا كانت هذه الجملة بحاجة إلى التخلص من بعض الحشو والتكرار أو أن هذه الفقرة تتطلب تغذيتها بعلامات الترقيم اللازمة كالفواصل والتنقيط والتعجب- خصوصا تلك النقطتين التي لم تفرق خلالهما حتى اليوم بين التاء المفتوحة والتاء المربوطة..

خلااااااص..

إنتهيت تماما من كتابة بعض الكواليس والقواعد اللازمة المتبعة في صياغة المقال الصحفي على مذهب مؤسس الصحافة العربية..

"رفاعة الطهطاوي"..

أتمنى أن يكون هذا المنشور بالذااات درس لنا جميعا ولي على وجه التحديد للوصول إلى كتابة منشور موجز يختصر ما نريد التعبير عنه بأقل الكلمات والحروف عملا بمقولة "خير الكلام ما قل ودل".

- من حائط الكاتب في فيسبوك